Centre d'Informatique Juridique
Accueil |
Contacts |
Relations Int. |
Signet |
Courriel
ع
|En
|Fr





  وقائع المؤتمر السنوي الأول:صلاحيات رئيس الجمهورية بين النص الدستوري والممارسة السياسية

الفقرة الثالثة: مداخلة د. حسين عبيد

إن عملية إنتخاب رئيس الجمهورية في لبنان هي من العمليات الأساسية في حياة لبنان، لأن الدستور أراد أن يكون رئيس الجمهورية رئيساً للدولة وليس لفئة معيّنة من الناس، وقد جعله في مصاف الحَكَم الأعلى لتوحيد كلمة الوطن بين مواطنيه وبنيه كافة.

إن الممارسة السياسية لعملية الانتخاب وما يشوبها ويتخللها من خلافات وهرتقات ناتجة عن أمرين اثنين هما: الغموض والخلل في النص الدستوري لا سيما المادة 49، أو النقص في فهم الصيغة اللبنانية في العيش المشترك التي ولدت بموجب الميثاق الوطني1943 وتكرست في العام 1989 بموجب إتفاق الطائف. وما فاقم المشكلة على مستوى الممارسة السياسية هو تجذّر الطائفية السياسية على مستوى الحكم ومؤسسات الدولة كافة إضافة الى طغيانها على الحياة السياسية ومكوناتها المختلفة.


يمكن القول، أن الطائفية هي علّة لبنان، في مجتمعه ونظامه السياسي. كما هي نقيض الديمقراطية والمواطنية وما تحملان من قيم الحرية والعدالة والمساواة.

لقد حوّلت الطائفية مؤسسات الحكم في الدولة إلى محميات طائفية، من حيث تحوّل الرؤساء الثلاثة غالباً إلى زعماء لطوائفهم واعتبارهم ممثلي طوائفهم في الحكم، نتيجة العقلية السائدة بأن أي موقع من مواقع الرئاسات الثلاث هو من حصة الطائفة التي ينتمي إليها الرئيس. وهذا الشعور الطائفي يأتي نتيجة ممارسة أهل الحكم قبل وبعد اتفاق الطائف.

ولا خلاص لنا إلا بحلّ هذه المسألة المعقّدة والشائكة. فنحن نؤمن بضرورة الخروج من الأزمة الطائفية والانطلاق نحو تجاوز النظام الطائفي وهذه الصيغة البالية التي حكمت لبنان منذ أكثر من تسعين عاماً إلى صيغة ديمقراطية متطورة تنقل لبنان من دولة الطوائف إلى دولة المؤسسات.

لقد عاش لبنان نظام الهيمنة الطائفية في الجمهورية الأولى. وجاء اتفاق الطائف عام 1989 لينقلنا إلى نظام العدالة الطائفية في الجمهورية الثانية أي نظام التوافق بين الطوائف.

وأمام الاعتراف بصعوبة المشكلة وتعقيداتها إلا أنه يجب الإقدام على خطوات جريئة قد تكون مطلوبة من بعض اللبنانيين وعدم الوقوف مكتوفي الأيدي أمام المصاعب. وما نسعى إليه من خلال هذه المداخلة هو بلوغ الجمهورية الثالثة اللاطائفية أي دولة إلغاء الطائفية السياسية، باعتبار أن التوافقية التي نعيشها اليوم هي مرحلية ومؤقتة ريثما نتمكن من تجاوز الطائفية تدريجياً وليست غاية بحد ذاتها.

نقبل بالتوافقية وسيلة لترسيخ الوحدة المجتمعية وتثبيت دعائم المجتمع اللبناني ولكن ليست على حساب دولة المواطنية والديمقراطية.

إن التجارب الدستورية الإصلاحية لنموذج النظام السياسي التوافقي في أوروبا الوسطى القريب من واقع النظام السياسي اللبناني الحالي التي اعتمدت الديمقراطية التوافقية، قد أكّدت لنا أن إرادة النخب السياسية يمكن أن تشكّل القاعدة الأساسية للتغييـر نحو الأفضل. وهذا ما نحتاجه نحن، حيث أن طريق بناء الدولة الحديثة، الدولة المدنية اللاطائفية لا شك ولا ريب هو طريق شائك، صعب مستصعب يحتاج إلى تضافر جهود النخبة السياسية الحاكمة مع جهود كافة اللبنانيين المخلصين لوطنهم وإلى رجال وطنيين بانتمائهم، آمنوا بلبنان كوطن نهائي لجميع أبنائه وبضرورة قيام الدولة المدنية العادلة والقادرة.

إن همم الرجال تزيل أو تزيح الجبال، فيجب ولوج باب الخلاص ولا نأبه بالصعاب. انطلاقاً من القاعدة التي تقول: ما لا يدرك كلّه لا يترك جلّه. أمام عدم إمكانية تطبيق العلمنة في لبنان، أو الوصول إلى الدولة المدنية الحديثة لا بدّ من محاولة خرق الجدار السميك وفتح ثغرة فيه قد تكون مقدمة لفتح الباب أمام إلغاء أو تجاوز المسألة الطائفية في لبنان.


أولاً: رؤية للإصلاح الإستراتيجي للنظام

إن إصلاح النظام السياسي والدستوري في لبنان وإلغاء الطائفية السياسية بهدف بناء الدولة المدنية الحديثة يتطلب خطوات جريئة وجهود جبّارة. وبما أن التاريخ "لم يذكر لنا قطّ في صفحاته أن جماعات كانت تتمتع بسلطات رفيعة وامتيازات غير عادية قد أقدمت بمحض إرادتها على التنازل عنها". إلا أن الإصلاح الحقيقي يتطلب تنازلات عن بعض المصالح الخاصة قد تطال جميع الطوائف والفرقاء السياسيين لصالح المصلحة الوطنية العليا أو المصلحة العامة للدولة.

إلا أن عملية التحديث والتغيير المطلوبة من الصعب أن تتم دفعة واحدة، لذا نعتقد بمرحلية الإصلاحات والخطوات الإجرائية للوصول إلى الأهداف المنشودة. باعتبار أن تحديث النظام السياسي اللبناني هو مسار قد يكون طويل الأجل وليس قراراً يتخذ في مجلس الوزراء للتنفيذ دفعة واحدة. ثم أن الخطوات والحلول المقترحة يجب أن تكون واقعية وقابلة للتطبيق انطلاقاً من القاعدة التي تقول بأن الحل الأفضل لأي مسالة معقدة هو الحل الذي يمكن تنفيذه فعلياً. ولهذا يجب أن تكون الاقتراحات منسجمة ومتلائمة مع الأهداف المرجوّة التي نسعى إلى تحقيقها والوصول إليها في إطار ثوابت النظام البرلماني الديمقراطي. وأيضاً يجب أن تكون المقترحات منسجمة فيما بينها ومتكاملة مع بعضها البعض.

لذا نعتقد أن إلغاء الطائفية على صعيد النظام السياسي سيؤدي إلى تحسين أداء أهل الحكم باتجاه الممارسة السياسية الوطنية ومقاربة الديمقراطية أكثر فأكثر وصولاً إلى بناء دولة القانون والمؤسسات. فعندما تلغى الطائفية السياسية على المدى البعيد قد ينتج عن هذا الإجراء ما يلي:

1- تحرير موقع رئاسة الجمهورية من القيود الطائفية، ويصبح فعلياً ممثلاً للأمة اللبنانية جمعاء ورئيساً لجميع اللبنانيين من مختلف الطوائف والمناطق.

2- فك ارتباط رئيس الجمهورية بأية تكتلات طائفية أو سياسية مناطقية وتحريره مـن أية محاسبة أو مساءلة من هذا النوع. كأن يقال، ماذا قدّم لطائفته؟ وماذا قدّم لمنطقته وأهلها؟…

3- تفعيل دور رئيس الجمهورية كَحَكَمٍ بين السلطات، وكرئيس دولة لكل السلطات. وتمكينه من ممارسة صلاحياته كاملة دون الدخول في المساومات الطائفية والشخصانية وحقوق الطوائف.

4- التخفيف أو الحد من السلبيات الناتجة عن ما يُعرف بالصيغة الثنائية بين رئيسي الجمهورية والحكومة أو بالصيغة الثلاثية (الترويكا)، في حال ظهورها، بين الرؤساء الثلاثة التي كانت تفرضها التوازنات الطائفية بين أهل الحكم وما يمثلون. والتي غالباً ما كانت تؤدي إلى المحاصصة الطائفية، باستثناء حالات التعاون بين السلطات التي نص عليها الدستور. وإن الممارسات الطائفية لأهل الحكم غالباً ما كانت تتم على حساب الأصــول الديمقراطية، وبالتالي على حساب المؤسسات المنبثقة عن السلطات الرسمية.

5- إن تحرير المناصب الرئاسية من القيود الطائفية يجعل منها مرجعيات وطنية فعلية تمثل جميع اللبنانيين أي تمثل الوطن بأجمعه ولا تمثل طوائفها أو مناطقها فقط. وهذا ما يمكّن الرؤساء الثلاث من ممارسة صلاحياتهم الدستورية ودورهم القيادي بعيداً عن الضغوطات والحسابات الطائفية والمناطقية.

حيث أن رئيس الجمهورية يستمد شرعيته من الشعب والمجلس النيابي الذي انتخبه وفقاً للنظام البرلماني الديمقراطي وليس من أبناء طائفته وحسب. فرئيس الجمهورية هو الرمز الأعلى لسيادة البلاد، وقوة الرمز تكمن في الشرعيـة التي يأخذها عن طريق الانتخاب.

إن انتخاب رئيس الجمهورية على أساس وطني غير طائفي يؤدي إلى استبعاد المرشحين الطائفيين في أفكارهم وطروحاتهم ويبرز المرشحين الوطنيين أصحاب المنهج الوحدوي في الخطاب السياسي، وتمنح الرئيس المنتخب قوة إضافية تجعل منه رمزاً وطنياً لوحدة الشعب والأرض والمؤسسات.

لقد شكّل اتفاق الطائف والجمهورية الثانية مدخلاً لإنهاء الحرب الأهلية ومحطة مؤقتة وهامة للانتقال إلى الجمهورية الثالثة المنشودة. التي نعتقد أن الطريق إليها يبدأ بخطوة تشكيل الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية كمقدمة أولى لتنفيذ البرنامج الإصلاحي الشامل من أجل تجاوز المسألة الطائفية.

إن لبنان وطن نهائي لجميع أبنائه، ولا يمكن أن يكون لطائفة دون أخرى أو لفريق دون سواه، وإن التيارات المتطرفة السياسية أو الدينية، مسيحية كانت أم إسلامية، غير قابلة للاستمرار في هذا النموذج الاجتماعي المتميز. من هنا يجب مساندة ودعم التيارات السياسية المعتدلة (المسيحية والإسلامية)، المؤمنة بنهائية وعروبة هذا الكيان وضرورة الحفاظ عليه ومساعدته للخروج من أزماته المتعددة السياسية والاقتصادية والاجتماعية. حيث يعوّل على هذه النخب السياسية المعتدلة كثيراً بالمساهمة الفعالة في عملية إنقاذ الوطن وتطوير نظامه السياسي.

إن عملية إلغاء الطائفية السياسية هي حياة للبنان واستمرار لهذا النموذج الحضاري في التعايش بين الأديان في هذا العالم الذي بدأ يشهد صراعاً بين الحضارات. علينا أن نؤكّد وبقوّة إمكانية تعايش الحضارتين المسيحية والإسلامية لنبقى نموذجاً قابلاً للحياة يحتذى به في أنحاء العالم.

إن عملية تحديث النظام السياسي والدستوري في لبنان صعبة ولكنها ممكنة وليست بمستحيلة. المهم أن نسلك الطريق الصحيح الذي يؤدي إليها ويمكننا من تجاوز المسألة الطائفية تمهيداً لقيام الدولة المدنية الحديثة المرجوّة التي قد نطلق عليها ساعتئذٍ الجمهورية الثالثة في لبنان.


ثانياً : في الخطوات العملية للخروج من المأزق

1- على مستوى النظام السياسي: اقترح التحوّل نحو النظام شبه الرئاسي وانتخاب رئيس الجمهورية من الشعب مباشرة اي بالاقتراع الشعبي المباشر وعلى دورتين أسوة بالنظامين الفرنسي والروسي. طبعاً مع الحفاظ على مبدأ فصل السلطات وأسس التعاون والتوازن بين السلطتين التشريعية والتنفيذية والابقاء على أدوات التأثير المتبادلة بين السلطتين. إضافة إلى منح بعض الصلاحيات الاضافية لرئيس الجمهورية تسمح له بالتدخّل في مواجهة الازمات الوطنية الكبرى على مستوى الحكم والنظام. (على سبيل المثال: حلّ المجلس النيابي او إقالة الحكومة في بعض الحالات)، على ان يترافق ذلك مع بعض الاصلاحات السياسية الضرورية على مستوى البرلمان والحكومة منعاً لجنوح النظام السياسي نحو النظام الرئاسي.


2- في التعديلات الدستورية المقترحة مرحلياً:

‌أ- ضرورة تعديل المادة 49 من الدستور لجهة:

- تحديد نصاب جلسة انتخاب رئيس الجمهورية بوضوح تام.

- تحديد آلية للترشّح لمنصب رئاسة الجمهورية.

- تحديد آلية تلزم النائب بحضور جلسة الانتخاب تحت طائلة المسؤولية الوطنية (مثال تجميد العضوية أوالإقالة في حال الغياب المتكرّر لثلاث جلسات متتالية بهدف تعطيل النصاب وبالتالي تعطيل الاستحقاق الرئاسي الوطني. أو اللجوء الى عقوبات او اجراءات أخرى).

- تحديد آلية واضحة للانتخاب والفوز وحصر الترشيح بمرشحين اثنين في الدورة الثانية.

- إمكانية تعديل مدّة الولاية لتكون 5 سنوات قابلة للتجديد مرّة واحدة فقط.

- تحديد مهلة زمينة واضحة لاستقالة موظفي الفئة الأولى على إختلاف وظائفهم وذلك قبل الترشيح للرئاسة.

- إن هذه النقاط تشكّل ضوابط دستورية لسلامة الإستحقاق الرئاسي بحيث لا يجوز أن يبقى هذا الإستحقاق رهينة الأقلية النيابية وقدرتها على التعطيل.

‌ب- تعديل المادة 55 لجهة زيادة حالات حلّ البرلمان في بعض الأزمات الصعبة.

‌ج- تعديل المادة 56 لجهة تحديد المهل لتوقيع الوزير على المرسوم الجمهوري قبل صدوره.

‌د- تعديل المادة 69 لجهة إقالة الحكومة أو إعتبارها مستقيلة في بعض الحالات (مثال عندما تفقد ميثاقيتها).

‌ه- تمكّن رئيس الجمهورية من عرض بعض القضايا على الاستفتاء الشعبي العام والإحتكام للشعب في بعض الأمور المصيرية.

إن هذه المقترحات تعزز صلاحيات الرئيس ويمكن أن تحوّل موقع رئاسة الجمهورية إلى رئيس الدولة الأول ويصبح الحَكَم فعلياً ورمزاً لوحدة الوطن وحامي الدستور والسيادة والاستقلال.

تعريف بالمؤتمر
الفصل الأول: الجلسة الافتتاحية
الفقرة الأولى: كلمة العميد د. كميل حبيب
الفقرة الثانية : كلمة رئيس المجلس الدستوري د. عصام سليمان
الفقرة الثالثة: كلمة رئيس الجامعة اللبنانية د. عدنان السيد حسين
الفصل الثاني: الجلسة الاولى: طبيعة النظام السياسي اللبناني
الفقرة الأولى: مداخلة رئيس الجلسة معالي الوزير د. سليم جريصاتي
الفقرة الثانية: مداخلة د. أحلام بيضون
الفقرة الثالثة: مداخلة د. سيمون سلامة
الفقرة الرابعة: مداخلة د. صالح طليس
الفقرة الخامسة: مداخلة د. خالد الخير
الفصل الثالث:وقائع الجلسة الثانية: رئيس الجمهورية في النظام اللبناني
الفقرة الأولى: مداخلة رئيس الجلسة د. زهير شكر
الفقرة الثانية: مداخلة المحامي ميشال قليموس
الفقرة الثالثة: مداخلة د.ماري تريز عقل
الفقرة الرابعة: مداخلة د. طوني عطاالله
الفقرة الخامسة: مداخلة د. موسى ابراهيم
الفقرة السادسة: مداخلة د. حسان الأشمر
الفصل الرابع:وقائع الجلسة الثالثة: رئيس الجمهورية ومأزق الحياة السياسية
الفقرة الأولى: مداخلة رئيس الجلسة معالي د. خالد قباني
الفقرة الثانية: مداخلة د. عقل عقل
الفقرة الثالثة: مداخلة د. محمد عيسى عبدالله
الفقرة الرابعة: مداخلة د. البير رحمه
الفقرة الخامسة: مداخلة د. وسيم منصوري
الفصل الخامس: وقائع الجلسة الرابعة: رئيس الجمهورية واحتمالات الخروج من المأزق
الفقرة الأولى: مداخلة رئيس الجلسة النائب غسان مخيبر
الفقرة الثانية: مداخلة د. اوجيني تنوري
الفقرة الثالثة: مداخلة د. حسين عبيد
الفقرة الرابعة: مداخلة أ. محمد حيدر
الفقرة الخامسة: مداخلة د. جورج يزبك
الفصل السادس: مشاركات من خارج المؤتمر
الفقرة الأولى: مشاركة د. انطوان سعد
الفقرة الثانية: مشاركة د. جوزاف عيسى
الفصل السابع: خلاصة آراء المشاركين في المؤتمر
توصيات
Contact Facultés
Magazine de l'U.L
Projets extérieurs
Partenaires
Liens utiles
Description des équipements techniques
Courriel
Responsables du contenu
Aide électronique
Conditions d'admission générales
Join Us


Tous droits réservés © 2024 | Université Libanaise