Legal Informatics Center
Home |
Contacts |
Int. Relations |
Bookmark |
Webmail
ع
|En
|Fr





  وقائع المؤتمر السنوي الأول:صلاحيات رئيس الجمهورية بين النص الدستوري والممارسة السياسية

الفقرة السادسة: مداخلة د. حسان الأشمر
رئيس الجمهورية في النظام السياسي اللبناني : حاكم أم مرجعية

شكل موقع رئاسة الجمهورية محوراً للعديد من الدراسات والأبحاث الدستورية التي تناولت النظام السياسي اللبناني ، والتي أدت بمعظمها الى الحكم على طبيعة هذا النظام انطلاقا من دراساتها وتحليلها للصلاحيات التي يتمتع بها رئيس الجمهورية وللتعديلات الدستورية التي طالتها . فتراوحت الاستنتاجات حول طبيعة هذا النظام بين الديموقراطي البرلماني وبين النظام شبه الرئاسي والرئاسي في مرحلة الجمهورية الأولى ( أي قبل التعديلات الدستورية التي حصلت في العام 1990 تطبيقا لوثيقة الوفاق الوطني) ، وبين النظام الديموقراطي البرلماني والنظام المجلسي بعد تلك التعديلات . مع ما يترتب عن ذلك من تغيّر في موقع الرئاسة الأولى ودور الرئيس ، وهو ما يدفعنا لطرح التساؤل التالي : هل رئيس الجمهورية حاكم أم مرجعية ؟


ان الاجابة على هذا السؤال تفرض علينا التطرق الى موقع الرئاسة قبل اتفاق الطائف وبعده لمعرفة دور وصلاحيات الرئيس في كل مرحلة وما يترتب على ذلك من نتائج .


أولا : موقع رئاسة الجمهورية قبل تعديلات الطائف


اناطة السلطة الاجرائية برئيس الجمهورية بمعاونة الوزراء، وفقا للمادة 17 من الدستور، وصلاحية تعيين الحكومة واقالتها بالاضافة الى حق الرئيس وفقاً للمادة 55 من الدستور بحل المجلس النيابي بموافقة الحكومة، الركائز الأساسية التي جعلت من رئيس الجمهورية المحور الأساسي للحياة السياسية اللبنانية والقوة الدافعة والمحركة للسياسات الحكومية . فكان يضع السياسة العامة للدولة خلال ولايته ويعمل على تحقيقها ويدعو لهذه الغاية الى اجتماعات للبحث في الأوضاع العامة والحكومية و سير عمل الوزارات، فيبحث ويوجه الأعمال الادارية والمالية.

نتيجة لذلك فقد كان رئيس الجمهورية يمسك بمفاصل السلطة بشكل كامل ويخضع لهذه السلطة مجمل ادارات الدولة ومؤسساتها، ويقابل ذلك عدم خضوع الرئيس لأي مسؤولية الا في حالة خرق الدستور والخيانة العظمى وفقا للمادة 60 من الدستور ، ولكن دون وجود أي آلية لتنفيذ هذه المسؤولية بسبب عدم وجود قانون يرعى ذلك .

فكانت النتيجة وجود حكومة مسؤولة عن قرارات هي لم تتخذها فعلياً، وذلك نتيجة للتأثيرات التي كان يمارسها رئيس الجمهورية على الوزراء عبر صلاحياته الواسعة التي تسمح له باقالتهم وقت يريد، الأمر الذي جعل منه رئيسا للسلطة الاجرائية أو حاكما فعليا على مختلف مؤسسات الدولة.

فالسلطة التنفيذية كانت تتم ممارستها دستورياً وواقعياً من خلال رئيس الجمهورية في ظل غياب شبه تام لدور المجلس النيابي وللحكومة. أضف الى ذلك مشاركة الرئيس للمجلس النيابي في عملية التشريع عبر المراسيم الاشتراعية وصلاحياته بموجب المادة 58 من الدستور، وهذا الأمر جعل منه منافساً للسلطة التشريعية على عملية التشريع .

إن موقع الحاكم الذي تمتع به رئيس الجمهورية كان سبباً كافيا لتوجيه الانتقادات نحو موقع الرئاسة والمطالبة بتعديل صلاحيات الرئيس ، كما أن طريقة ممارسة الرئيس لصلاحياته لاسيما في أوقات الأزمات جعلت المطالبة بتقليص صلاحيات رئيس الجمهورية كأنها المطلب الأول، وكان من الطبيعي أن تتخذ هذه المطالبة بعداً طائفيا بسبب توزع الرئاسات الثلاث بشكل طائفي .

وقد شكل هذا الواقع اتجاها أظهر الرئيس كطرف أساسي في الصراع السياسي ، بل أنه شكل محورا أساسيا لهذا الصراع ، حيث كانت الحكومات تنسحب تحت وطأة النواب وضغوطهم وخاصة بناءاً على طلبٍ من رئيس الجمهورية. كما أن المصالح السياسية لرئيس الجمهورية قد شكلت السبب الرئيسي الذي أدى الى حل المجلس النيابي أربع مرات منذ الاستقلال وحتى تعديلات الطائف ، ولم تكن أسباب هذا الحل ترتبط بالخلافات بين الحكومة والبرلمان .


ثانياً: موقع رئاسة الجمهورية بعد تعديلات الطائف

شكلت التعديلات الدستورية للعام 1990 ، والتي طالت صلاحيات رئيس الجمهورية ، تحولا جذريا في دوره وبالتالي في موقع الرئاسة الأولى . فعلى الرغم من استحواذ موقع الرئاسة الأولى على قسم كبير من الاهتمام والنقاش ، فان حصر اختصاصاتها وتعدادها ونقل السلطة الاجرائية الى مجلس الوزراء مجتمعا قد شكل عنوانا بارزا في التأثير على دور الرئيس . بحيث بقي شريكا رئيسيا في الحكم ورئيسا للدولة ومؤسساتها ورمزاً لوحدة الوطن والأمين على الدستور وعلى استقلال لبنان ووحدة واستقلال أراضيه. وهي بالتالي تشكل جزءاً من اصلاحات اعتبرها البعض أحكاماً وضوابط ضامناً لاستمرارية النظام و"تعيد اجلاس النظام البرلماني على قاعدته بعد أن كان مقلوباً على رأسه" .

إذاً لقد وضعت المادة 49 من الدستور بعد التعديل رئيس الجمهورية في موقع حيادي وجعلت منه حكماً بين السلطات الدستورية، وهذه الصفات تشكل ركنا أساسيا للحديث عن الرئيس كمرجعية. واذا ما أضفنا إلى هذا الوضع العديد من الصلاحيات التي أعطيت للرئيس فان قدرته على ضبط أداء السلطتين التشريعية والتنفيذية تشكل دورا ايجابيا تساهم في تسهيل عمل النظام البرلماني على أسس سليمة .

فالتعديلات الدستورية التي منحت للرئيس بعض الصلاحيات التي يمارسها ضمن علاقته مع السلطة التشريعية، كحقه في الطعن بالقوانين أمام المجلس الدستوري أو طلب اعادة النظر في القوانين أو الاعتراض على مشاريع القوانين أو حقه في توجيه الرسائل الى المجلس النيابي، فكلها صلاحيات تمكنه من تسليط الضوء على أي شائبة أو ثغرة أو مخالفة لاطلاع ممثلي الشعب والقوى السياسية والنخب والرأي العام ووسائل الاعلام على هذه الملاحظات مما يشكل ضغطا على المجلس النيابي لاعادة النظر في مواقفه لاسيما اذا حصل الرئيس على الدعم الشعبي والتأييد النيابي والاعلامي لهذه المواقف ، وهو دعم يحتاجه الرئيس في ظل الأزمات التي يمكن أن تطال مؤسسات الدولة الدستورية . يضاف الى ذلك حق الرئيس في اعادة النظر في الدستور وفقا للمادة 76 وهو حق يمارسه ضمن دوره كضابط لأداء السلطات الدستورية أو عندما يلمس حاجة دستورية أو رغبة شعبية لذلك ، فيقدم اقتراحه بالتعديل وتقوم الحكومة بتقديم مشروع التعديل الى المجلس للنيابي . أما صلاحية حل المجلس النيابي فهي وان كان الدستور قد حدد حالاتها ضمن شروط محددة ، الا أنها تبقى قابلة للاستخدام في ظل الأزمات الكبرى الناجمة عن تقاعس المجلس النيابي عن القيام بدوره الدستوري الذي كلفه الشعب القيام به ، فيكون الرئيس في هذه الحالة هو المبادر والمقترح للحل عبر الطلب الى مجلس الوزراء اتخاذ هذا القرار .

كذلك فان صلاحية الدعوة الى فتح دورة استثنائية لمجلس النواب وتأجيل انعقاده قد منحت الرئيس موقعاً أساسياً في الصراع السياسي وعلاقة الحكومة بالمجلس النيابي، فأصبح دوره في هذا الاطار يشكل سلطة توفيقية تمكنه من لعب دور أساسي كمرجعية حكم وليس طرفا في الصراع السياسي .

أما التعديلات الدستورية التي تناولت صلاحيات رئيس الجمهورية في اطار علاقته في السلطة التنفيذية فقد أكدت موقعه كرأس لهذه السلطة، لاسيما منها الصلاحية المتعلقة بتسمية رئيس الحكومة فهي وان كانت تتم بناءاً على استشارات نيابية ملزمة فانها جعلت منه القطب السياسي والمرجعية الدستورية التي تدور حولها عملية تكليف رئيس الحكومة. كما أن ترأسه لجلسات مجلس الوزراء وعرض أي أمر طارىء عليه من خارج جدول الأعمال جاءت لتنسجم بشكل تام مع الاطار المرجعي الذي يجب أن يشكله الرئيس وما ينجم عنه من دور توجيهي يمارسه داخل مجلس الوزراء دون أن يكون له حق التصويت ، وأهمية هذا الدور التوجيهي وادارة النقاش وامكانية التأثير على الوزراء أو حتى على رئيس مجلس الوزراء يطغى بكل تأكيد على أهمية الصوت الواحد أمام عدد كبير من الوزراء ، لاسيما عندما يطرح موضوعاً طارئاً من خارج جدول الأعمال ويعمد الى محاولة اقناع الوزراء لتمريره . يضاف الى كل ذلك صلاحية الرئيس في توقيف أي قرار صادر عن مجلس الوزراء ولو بشكل مؤقت عبر طلبه اعادة النظر فيه وهو بذلك يسلّط الضوء على أي مخالفة في هذا القرار ويطلع بذلك الفئات المعنية به ويدفعها لتشكيل قوة ضاغطة بوجه مجلس الوزراء لدفعه الى التراجع عن قراره أو اعادة النظر فيه، خاصة اذا استعمل هذا الحق ضمن اطار دوره كمرجعية وكحارس للدستور وحامي للوطن بعيدا عن أي تجازبات سياسية.

يبقى أن نشير في هذا الاطار الى صلاحية الرئيس في اصدار مرسوم تشكيل الحكومة، حيث أعطت المادة 53 من الدستور في فقرتها الرابعة رئيس الجمهورية الحق باصدار مرسوم تشكيل الحكومة بالاتفاق مع رئيس مجلس الوزراء، وهي صلاحية وضعته في موقع الشريك الأساسي في القرار السياسي عبر كونه شريكا فعليا في عملية التأليف ، وهو دور ليس محدودا على الاطلاق لاسيما في ظل التجاذبات السياسية الحادة التي يمكن أن تعيق عملية تشكيل الحكومة، الأمر الذي يمكن أن يدفعه الى الضغط على القوى السياسية لتحمل مسؤولياتها لناحية تسهيل عملية التأليف.

ويتسع دور وتأثير رئيس الجمهورية في هذا المجال عند توافقه مع الرئيس المكلف ، وما يمكن أن ينتج عن ذلك من تشكيل حكومة قد لا تحظى برضى بعض الكتل السياسية ، وهو الواقع الذي نعيشه في هذه المرحلة . فتهديد الرئيس ميشال سليمان والرئيس المكلف تمام سلام بتشكيل حكومة أمر واقع نراه يدفع مختلف القوى السياسية باتجاه تحمل مسؤولياتها الوطنية على هذا الصعيد.


خلاصة:

إذا كان الدستور اللبناني قبل تعديلات الطائف قد منح رئيس الجمهورية موقع الحاكم بما أعطاه من صلاحيات فضفاضة، فان التعديلات الدستورية التي تبناها الدستور في العام 1990 قد جعلت من موقع الرئاسة مرجعية أساسية تمكنه من ممارسة دوره الأساسي كحامي للدستور ورمز لوحدة الوطن واستقلاله وسلامة أراضيه وفقا لما بيناه في مناقشة بعض الصلاحيات الواردة أعلاه، والتي يضاف اليها موقع الرئيس في قيادة القوات المسلحة وفي اطار العلاقات الخارجية . الا أن هذا الموقع للرئيس كمرجعية يتطلب وجود شخصية تتمتع ببعض المواصفات التي تمكنه من القيام بهذا الدور لاسيما على مستوى شخصية الرئيس وسطوته وخبرته السياسية وحنكته وعلاقاته الدولية وكلها صفات تفرض على الجميع احترام هذا الموقع ايماناً منهم بأهمية دوره في تأمين الاستقرار السياسي والأمني والاجتماعي.

تعريف بالمؤتمر
الفصل الأول: الجلسة الافتتاحية
الفقرة الأولى: كلمة العميد د. كميل حبيب
الفقرة الثانية : كلمة رئيس المجلس الدستوري د. عصام سليمان
الفقرة الثالثة: كلمة رئيس الجامعة اللبنانية د. عدنان السيد حسين
الفصل الثاني: الجلسة الاولى: طبيعة النظام السياسي اللبناني
الفقرة الأولى: مداخلة رئيس الجلسة معالي الوزير د. سليم جريصاتي
الفقرة الثانية: مداخلة د. أحلام بيضون
الفقرة الثالثة: مداخلة د. سيمون سلامة
الفقرة الرابعة: مداخلة د. صالح طليس
الفقرة الخامسة: مداخلة د. خالد الخير
الفصل الثالث:وقائع الجلسة الثانية: رئيس الجمهورية في النظام اللبناني
الفقرة الأولى: مداخلة رئيس الجلسة د. زهير شكر
الفقرة الثانية: مداخلة المحامي ميشال قليموس
الفقرة الثالثة: مداخلة د.ماري تريز عقل
الفقرة الرابعة: مداخلة د. طوني عطاالله
الفقرة الخامسة: مداخلة د. موسى ابراهيم
الفقرة السادسة: مداخلة د. حسان الأشمر
الفصل الرابع:وقائع الجلسة الثالثة: رئيس الجمهورية ومأزق الحياة السياسية
الفقرة الأولى: مداخلة رئيس الجلسة معالي د. خالد قباني
الفقرة الثانية: مداخلة د. عقل عقل
الفقرة الثالثة: مداخلة د. محمد عيسى عبدالله
الفقرة الرابعة: مداخلة د. البير رحمه
الفقرة الخامسة: مداخلة د. وسيم منصوري
الفصل الخامس: وقائع الجلسة الرابعة: رئيس الجمهورية واحتمالات الخروج من المأزق
الفقرة الأولى: مداخلة رئيس الجلسة النائب غسان مخيبر
الفقرة الثانية: مداخلة د. اوجيني تنوري
الفقرة الثالثة: مداخلة د. حسين عبيد
الفقرة الرابعة: مداخلة أ. محمد حيدر
الفقرة الخامسة: مداخلة د. جورج يزبك
الفصل السادس: مشاركات من خارج المؤتمر
الفقرة الأولى: مشاركة د. انطوان سعد
الفقرة الثانية: مشاركة د. جوزاف عيسى
الفصل السابع: خلاصة آراء المشاركين في المؤتمر
توصيات
Contact Faculties
LU Magazine
External Projects
Partners
Useful Links
Technical specification for equipments
Webmail
Webmasters
Internet and IT Support
Admissions
Join Us


All rights reserved © Copyright 2024 | Lebanese University