ثمة كتبٌ تصدر ،فتحمل عناوينَ تستهويك قراءتها وتشد انتباهَك لمعرفة فحواها،
لاسيما حين يكون مضمونها مرتبطاً بأمورٍ متصلة بالدولة والإنسان والمصير.
كتاب "لبنان والدولة المرجوّة" الذي صدر عن منشورات الجامعة اللبنانية لرئيسها الدكتور عدنان السيد حسين ، أضاء على جوانب أساسية في القضايا المتعلقة ببناء الدولة ومكامن الخلل في إدارة شؤونها ،حيث جاء في مقدمته عن مفهوم الإرادة الوطنية الجامعة ،التي إذا ما توفرت فيها النوايا الحسنة واجتمعت على مرتكزات وأسس ،ضمنتْ قيامَها في إطار التوازن الإنمائي وتكريس العدالة الإجتماعية.
ويتطرق المؤلف الى جملة مواضيع تحاكي الواقع الذي يتخبط به الوطن كما الإنسان في لبنان والعالم العربي والخارجي والأزمات الي تعصف بها ، مستهلا بنبذة في التاريخ السياسي عن لبنان منذ عام 1840 حتى وثيقة الطائف الواردة في آخر الكتاب
احد فصول الكتاب يتناول اشكاليات النظام السياسي في لبنان ،الطائفية ،الهوية ،الفساد،ويطرح صيغة للخروج منها تتجلى بالمواطنة الكفيلة بمعالجة هذه الإشكاليات التي عطلت صيغة 1948
ويعرّج المؤلف الى المسؤولية الوطنية والصلاحيات التي لا بد من تعديلات تشريعية على بعضها ،كالتمثيل النسبي وتطبيق بنود الطائف والشروع بإنشاء الهيئة العليا لإلغاء الطائفية السياسية ومعالجة صلاحيات السلطات العليا في الدولة في إطار العيش المشترك
كما يعطي حيزا لحرية المعتقد واهداف الرسالات السماوية التي جاءت لتنظم السلوك الإنساني وتحقق العدالة والحرية بين البشر
وعن العدالة الدولية ومهمات المنظمات الدولية ودور مجلس الأمن يذكر السيد حسين أن الامن الدولي لن يتحقق ما لم تتضافر الجهود الدولية مجتمعة لتوطيد أركانه واعتماد معاييرَ موحدة في معالجة كافة الأزمات وصولا الى تحقيق الأمن البيئي والغذائي والشخصي والسياسي،
يعود الكاتب الى الأزمة الأم في الوطن العربي ،وهي ازمة فلسطين التي أرْختْ بثقلها على الوطن العربي وعلى شعوب المنطقة ،لاسيما لبنان والتي جعلت من الشعب الفلسطيني مشتتاً في انحاء العالم
وحول المفهوم الحقيقي للسياسة ،اعتبر الدكتور السيد حسين أن السياسة هي بالاساس علم وفن،
علمُ حكم الدولة وفنُ قيادتها ،وبتعبيرٍ آخر هي لخدمة الصالح العام .
يحيل الكاتب الأزمات المتفاقمة في العالم إلى الأخلاق والسلوك السياسي المعتمد ،حيث  تنعكس على الأداء الإجتماعي والوطني وكل نواحي الحياة.
كتاب "لبنان والدولة المرجوّة" كتاب يحاكي الواقع بمقاربة دقيقة ،ويشير إلى الشوائب المتراكمة في لبنان والمنطقة ،وجدير بالمتابعين والمعنيين بالشأن السياسي والشأن العام أن يطلعوا على فحواه للوقوف على النقاط التي هي مصدر الأزمات وعلى سبل المعالجة التي أتى على ذكرها المؤلف.
                                                                   رئيس دائرة العلاقات العامة
                                              
                                                                             غازي مراد