أقيم في قاعة الدكتور عفيف دمشقية كلية الاداب والعلوم الإنسانية في الفرع الاول ، ندوةً تناولت موضوع التحوّلات الجيوبوليتيكية في المنطقة، بحضور عددٍ من الأساتذة والطلاب وبمشاركة مديرة الفرع الدكتورة وداد الديك ورئيس الجمعية الجغرافية اللبنانية الدكتور محسن الأمين،
قدّم للندوة الدكتور عبد الله شرقية ، فعرّف الجيوبوليتيك أو الجيوسياسية بأنها مصطلحٌ مرادفٌ للجفرافية السياسيّة ، ويعني دراسة تأثير السلوك السياسيّ في تغيير الأبعاد الجغرافية للدول إلى ما وراء الحدود. ثم كانت مشاركة الدكتورة وداد الديك، فتناولت تعريف الشرق أوسطية بأنها صيغةٌ قديمةٌ مستحدثةٌ، غايتها إعادة رسم كيانات ومكونات المنطقة الممتدّة من الهند إلى المغرب بما يتوافق مع مصالح القوة العظمى (أميركا)، بهدف السيطرة على الشرق ووضع اليد على ثرواته وموقعه الجيو- سياسي ، وانطلاقاً من مركزيّةٍ تجعل الشرق شرقاً مختلفاً عن الغرب – بتعبير إدوار سعيد. والهدف من ذلك جعل دول هذه المنطقة كياناتٍ ضعيفةً مُدارةً تابعةً تشتعل فيها الحروب الداخلية على خلفياتٍ طائفيّةٍ ومذهبيةٍ وعرقيةٍ ، وتُذكى فيها الكيانات المتطرفة ، وتثار الفوضى في عدّة دول ، مما يؤدّي إلى إضعاف القوى الفاعلة في المنطقة ويُبقي المنطقة في دائرة السيطرة والهيمنة المباشرة وغير المباشرة.
ثم عرضت الدكتورة وداد لبعض المشاريع القديمة والجديدة لجغرافية المنطقة كما كانت والتي لا زالت ملاتعاً للمخططات في دوائر التأثير الغربية، وهي خرائط كارثيّةٌ وبالغة السوء على شعوبنا وأجيالنا ومقدّراتنا، وختمت بتساؤلٍ مفتوح : هل يدرك العرب مجريات السياسة الدولية ويسعون إلى تحقيق كيانهم وكينونتهم؟
ثم كانت مشاركة الدكتور محسن الأمين التي عرض فيها لبعض النظريات الجيوبوليتيكية التي تُدرس في مراكز الدراسات الاستراتيجيّة وتبحث في فكرة التحكّم والسيطرة من خلال أفضل استغلالٍ للطاقات والقدرات الداخلية، واستثمارها بأقصى حدٍّ ممكنٍ في السياسات الخارجيّة. وذلك مثل نظرية القوة البرّيّة وقوة الجغرافيا ، والتي تقوم على أهمّيّة وضع اليد على أكبر مساحةٍ ممكنةٍ من الأرض كأساسٍ للسيطرة والتحكّم . وهذا ما تبنّته الرؤية النازيّة في حروبها المختلفة أثناء الحرب العالمية الثانية.
كما تحدّث عن مشاريع سرّيّةٍ لتقسيم الدول في المنطقة ، تتمّ الموافقة عليها في برلمانات بعض الدول الكبرى وتمضي عشرات السنين قبل أن يتمّ الكشف عنها وتخرج إلى العلن. وتهدف جميعها إلى دعم الكيان الإسرائيليّ وتأمين المصالح الأمريكيّة وإضعاف جيوش الدول العربية القويّة في المنطقة، وتكريس مفهوم الفوضى الخلّاقة، وحدود الدم، ودوّامة العنف والحروب والاقتتالات التي لا تكاد تتوقّف في منطقتنا.
كما عرض الدكتور الأمين للأسباب الداخلية المؤاتية لهذه المخطّطات الخارجيّة ، ومن أهمّها ضعف الشعور بالانتماء والهويّة ، وجود نظام حكمٍ مستبدٍّ في العديد من دول المنطقة يستحوذ على الثروات ويضطهد الطبقات الشعبيّة الواسعة ويمنعها من حقّها في التعبير والعيش الكريم، مما يؤدي إلى شعور الفئات الشابّة بالغبن والخروج في المظاهرات للمطالبة بالحرية والعدالة الاجتماعية.
