Legal Informatics Center
Home |
Contacts |
Int. Relations |
Bookmark |
Webmail
ع
|En
|Fr





Newsletter

Entrance Exam
Entrance Exams for the Academic Year 2022-2023 to the different faculties of the Lebanese University.
Support - IT 
You may download several Freeware Softwares from this section.
+ Details
18/9/2014 - مقال بعنوان "التجربة اللبنانية.. نموذج يحتذى!" بقلم د. كميل حبيب و د. عصام إسماعيل - جريدة السفير

كلية الحقوق والعلوم السياسية والإدارية
تبحث في توصيات مركز البحوث والدراسات الاستراتيجية في الجيش اللبناني
حول  تعميم التجربة اللبنانية كنموذج للحوكمة في الدول العربية

عميد كلية الحقوق والعلوم السياسية والإدارية في الجامعة اللبنانية  د. كميل حبيب
استاذ مساعد في الجامعة اللبنانية د. عصام إسماعيل

 


نتيجة تفاقم أزمات الحكم في بعض الدول العربية بعد العام 2011، وتعذّر الوصول إلى نموذج أمثل للإدارة السياسية في هذه الدول، وفي إطار سعي كلية الحقوق والعلوم السياسية في الجامعة اللبنانية كموقع اكاديمي للمساهمة في إيجاد الاطر السياسية والقانونية الملائمة لحلول ملائمة (الحلول القانونية الملائمة) للأزمات السياسية، اطلعت الكلية على وقائع المؤتمر الذي نظّمه مركز البحوث والدراسات الاستراتيجية في الجيش اللبناني وهو المؤتمر الإقليمي الثاني حول الشرق الأوسط ما بعد  العام 2011 بعنوان :"التحوّلات الجيوسياسية والاقتصادية والأمنية" الذي عُقِد في بيروت بتاريخ 28-31 آذار 2012. وكان لافتاً تطرّق هذا المؤتمر لمسألة تعميم النموذج اللبناني في الحكم التي عاد وتناولها عدد من الباحثين الغربيين كان آخرهم الكاتب المعروف روبرت فريدمان. تلقفت كلية الحقوق والعلوم السياسية والإدارية في الجامعة اللبنانية لخلاصة مناقشات وتوصيات هذا المؤتمر،لما تضمنته من مقاربات علمية متنوعة قدّمها أكثر من عشرين باحثاً من أكثر من دولة عربية وأوروبية.وهي اذ تلفت الى أهمية ما ورد في هذا المؤتمر فانها تعتبر المناقشات والتوصيات الصادرة عنه بمثابة منطلق لنقاش جدي يعيد قراءة التجربة اللبنانية بواقعية بعيداً عن المواقف المسبقة، وبما يسمح بارساء حال من الاستقرار للانطلاق بالعملية السياسية.وفيما يلي نعرض لما نتبناه مما ورد في مداولات وتوصيات مركز البحوث والدراسات الاستراتيجية:( وأعلنت عن قبولها وتبنيها وذلك للأسباب الموجبة الآتية:)

لقد أثبتت الفلسفة السياسية بأن المجتمعات ذات التعددية الدينية والإثنية، تميل إلى التعايش، وليس إلى التلاحم. وأن العامل المؤثر في قيام علاقات تعايش راسخة، هو تحقيق العدالة وسيادة الديمقراطية والمساواة وعدم تسلط مجموعة على أخرى، والاعتراف بالآخر. على عكس ذلك، يؤدي التمييز والتهميش إلى ظهور نزعة التقوقع لدى الأقليات في بلد ما، ممّا يقوي من مشاعر الخصوصية لديها.
من هنا ندخل إلى الإشكالية المتمثلة في  كيفية إنتاج دولةٍ متطابقةٍ مع مجتمعها  إذ أن إقامة التكامل والتوازن بين الدولة والمجتمع هو التحدّي الذي تواجهه هذه المجتمعات(د.سعود المولى، كتاب المؤتمر ص 175).  لقد كشفت الإنتفاضات العربية على كم هائل من التعدد في الوطن العربي في كل دولة، إختلفت التسميات من الطائفية إلى القبلية إلى الإثنية إلى المذهبية وغيرها، ولكن الوطن العربي بكل دوله هو مجتمع متعدد سواءً سميناهم: إسلاميين، علمانيين،  قبليين،  شمال، جنوب، شرق،.. فالتعدد الطائفي ليس شأناً لبنانياً، لأنّ الطائفية مشكلة عربية، بحيث أنّ جميع الدول العربية تعاني مشاكل مع الأقليّات،  والمطلوب أن تعود المنطقة إلى أصالتها في إدارة التنوّع، لأن الإسلام أصلاً يقبل بتعدّد الأنظمة الحقوقية في المجتمع في بعض القضايا، على عكس الفكر الغربي الذي أصرّ على منظومة حقوقية واحدة. وإلا فإن المنطقة ذاهبة باتجاه “الصهينة”، أي وجود مجموعات منغلقة على مساحات جغرافية محدّدة، فإذا بقي المسلمون وحدهم في المنطقة مقابل إسرائيل فهذه “صهينة”. إذ هناك إسلام متصهين يضرب تنوّع النسيج الاجتماعي العربي(د. انطوان مسرة، كتاب المؤتمر، مرجع سابق ص 200).
تكمن أهمية التجربة اللبنانية في أنها جربت إدارة التعدد والتنوع، ويكون من المناسب تعميم هذه التجربة في الدول العربية  بعد أن أصبحت أنظمة الحكم الواحد أو التيّار الواحد أو الحزب الواحد قضية منتهية(أ. عبد الملك عيسى، كتاب المؤتمر، مرجع سابق ص 250). وعلى المجتمعات العربية أن تنتقل من الحكم الفردي إلى الحكم التعدد، لأنه إذا انتقلنا مباشرةً من الحكم الأحادي إلى حكم الأقليات والأكثريات، سيحدث إلغاء لجميع الأقليات والطوائف والتعدد المذهبي، وإلا فإنّ استخدام الصراع المذهبي في الصراع السياسي ربما يعزّز من انقسامات المجتمع العربي، فالحلّ يكمن في اعتماد نظام برلماني حقيقي تتمثّل فيه الجماعات بتوازن سياسي حقيقي كما هو حاصل في التجربة اللبنانية(د. عبد الملك محمد عبدالله عيسى ، كتاب المؤتمر، مرجع سابق ص 183).
وعندما نتكلم عن “النظام السياسي اللبناني”، نقصد ما يسمى ب “الديمقراطية التوافقية، هذه الديمقراطية تجمع في إطارها مكوّنات ذات فوارق ثقافية عميقة لها تعبيرات سياسية.  نظرياً، إنّه نظام سياسي يركّز على التوافق لا على التعارض، وهو نظام يجمع ولا يقصي... يتيح مشاركة جميع المكونات في مؤسسات الدولة.
جرى انتقاد هذا النظام باعتباره  "صفقة بين نخب" أو "نظام يقتصر على تمثيل المجموعات" (الطوائف) بدلاً من الأفراد، لكن وبالرغم من هذه الانتقادات كان النظام اللبناني قائماً على علاقة تعاقدية بين الطوائف كافة يشرعنها التعايش بينها، وإذا لم يكن التعايش كافياً لشرعنة علاقة تعاقدية فإنه يبقى شرطاً ضرورياً لوجودها. وهذه العلاقة التعاقدية ليست معطى جامداً، فهي تتعمّق عندما تكون مؤسسات الدولة إطاراً معبّراً عن طموحات الكلّ، وتتراجع مع إنفجار الحرب أو مع تحجّر العقول والقلوب(د.أجينس فافييه، كتاب المؤتمر، مرجع سابق ص 175).
ساهمت التوافقية في منع إنشاء نظام استبدادي في لبنان (أ. فوزي بو ذياب  ، كتاب المؤتمر، مرجع سابق ص 187)، وإن كان هناك من يحبّذ تسمية هذا النظام بالنظام التعددي وليس التوافقي، والتعدّدية في قضية سويسرا قادت إلى التوافقية، أمّا في قضية أميركا، فما من توافقية، بل لديهم تعدّدية تنتهي بحكم الأكثرية (السفير عبد الله بو حبيب ، كتاب المؤتمر، مرجع سابق ص 190) . وما أنتجه النظام اللبناني هو اتّفاق اللبنانيين، مسلمين ومسيحيين، على أن يعيشوا معاً، وبالتالي عقدوا هذا الميثاق الوطني(د.سعود المولى، كتاب المؤتمر، مرجع سابق ص 192) فالمجتمع اللبناني هو مجتمع تعددي ثقافي بامتياز، فالتعايش هو أساس لبنان، فلا تستطيع أي طائفة أن تعيش وحدها(د.  ميشال ابو نجم، كتاب المؤتمر، مرجع سابق ص 202)، كما لا يتوجب على الطوائف أو الإنتماءات الدينية أن تتنافس بل أن تتكامل (د. ليفانت باستروك ، كتاب المؤتمر، مرجع سابق ص 213)، إلا أن الظروف السياسية لم تسمح بعملية انصهار فعلي أو قيام سلطة جامعة، لأن تراكم خصوصيات الطوائف جعلها تقاوم ذوبانها السياسي في العملية السياسية(العميد دريد زهر الدين ، كتاب المؤتمر، مرجع سابق ص 185).
إن التجربة اللبنانية في الحكم، وكأي نظام سياسي، لا يمكن فصله عن العوامل المجتمعية المؤثرة بشكلٍ مباشر أو غير مباشر على مسار التجربة.
وتبيّن من التجربة اللبنانية أنها تخضع لجملة مؤثرات تنعكس سلباً أو إيجاباً في نجاح هذه التجربة، نوجزها كالآتي:
- المؤثر الخارجي: إن مهندس العلاقة التعاقدية بين الطوائف أو فارضها هو دائماً طرفٌ خارجي، فعند كلّ تعطيل للحوار الداخلي تتوجّه الأنظار المحلية إلى الخارج وإلى عرّابين في الخارج، ما يزيد من إنكشاف البلد وإنجراره وراء الخلافات الإقليمية.  وكلما إزداد الإستقطاب الإقليمي يتخلخل إستقرار العلاقة التعاقدية الداخلية(د.أجينس فافييه، كتاب المؤتمر، مرجع سابق ص 175). وإن مسألة الإرتهان إلى الخارج  ليست بجديدة، بل قديمة كلّ القدم (د. فارس إشتي  ، كتاب المؤتمر، مرجع سابق ص 186)،  بحيث لم يخجل أطراف الداخل من المجاهرة عن استعدادهم للّجوء إلى الخارج لينقذهم من منافسة الداخل(السفير عبد الله بو حبيب ، كتاب المؤتمر، مرجع سابق ص 203). وعندما تعتقد طائفة ما بأنّ قوّتها قد اكتملت إقتصادياً وسياسياً، تحاول أن تحكم بمفردها وأن تستبعد سائر الطوائف، وأن تستقوي بدولةٍ أجنبية، فما من طائفةٍ في لبنان لم تستقوِ بدولةٍ أجنبية (د.سعود المولى، كتاب المؤتمر، مرجع سابق ص 175).
- حصص الطوائف: وفق هذا النظام، ما من فئةٍ مهمّشةٍ في تاريخ لبنان، فهو البلد الوحيد في المنطقة الذي استطاعت فيه جميع الفئات أن تشارك في السلطة.  صحيحٌ أنّ كلّ فئة حاولت أن تسيطر على سائرها، لكنّها لم تتمكّن من ذلك، وقد تعلّم الجميع أنّه لا يمكن لفئةٍ أن تسيطر على الجميع(د. كريستين عساف  ، كتاب المؤتمر، مرجع سابق ص 190). كما واجهت التجربة اللبنانية مشكلة تحديد الحصص الثابتة للطوائف، التي أدت إلى إنتاج لعبة مقفلة تنتظم فيها الطوائف في مواقع معادية، إذ لا تستطيع الواحدة أن تزيد من حصّتها إلاّ إذا تقلّصت حصة طائفة أخرى. وإذا إشترط المقرّر أن يربّح الجميع، فهم لا يربحون إلاّ على حساب المصلحة العامة.  وهذا بخلاف العلاقة التعاقدية التي تولّد مشروعاً مشتركاً، تتخطّى المشاريع الطائفية كلّ طائفة لتوظّف من حسابها من أجل بناء البيت العام(د.أجينس فافييه، كتاب المؤتمر، مرجع سابق ص 175). 
كانت الغاية من هذا النظام التعدّدي تأمين الحماية لكيانات ولوجود طوائف وأقليات كانت تعيش في خوف زوال كيانها، وعند زوال الخوف، يصبح بإمكان المعارضة أن تمارس دورها بشكلٍ حضاري(د. كريستين عساف ، كتاب المؤتمر، مرجع سابق ص 197).
فالمشكلة في لبنان هي في بناء الدولة على أساس توزيع السلطة بين الطوائف، ما دفع بالدولة اللبنانية لتكون ساحةً مفتوحةً للصراعات على مستويين: الأول داخل كل طائفة من أجل حسم من يمثّلها في الدولة، والثاني بين الطوائف من أجل تحديد حصة كل طائفة في الدولة.  كيف نبني دولة تحافظ على حقوق الجماعات والأفراد في وقت واحد؟( د. ميشال ابو نجم، كتاب المؤتمر، مرجع سابق ص 202).
إن المشاركة في القرار أو تسيير الحكم عبر ما يسمى بحكومات  "الوحدة الوطنية" أو الحكومات بالتوافق، أدى إلى صعوبة التصدي بجديّة لمشاكل البلد السياسية أو الإقتصادية أو الإجتماعية ، إذ لم تستطع أي حكومةٍ أن تحكم، لا تلك التي ألّفتها أكثريةٌ سياسيةٌ مع أو بدون المعارضة البرلمانية، ولا حتّى عندما أصبحت تلك المعارضة أكثريةً (د.أجينس فافييه، كتاب المؤتمر، مرجع سابق ص 175)، وهذه سمة الأنظمة التوافقية، التي يغلب عليها سمة غياب المعارضة في البرلمان، بحيث من الممكن أن يتحوّل عددٌ كبيرٌ من العناصر الرئيسة في النظام التوافقي إلى أدوات تعطيل(د. حيدر سعيد مرزه ، كتاب المؤتمر، مرجع سابق ص 207). وكذلك فإن هيمنت "ثقافة التسوية”، أي ثقافة "لا غالب ولا مغلوب"، أو  ثقافة القبول بالآخر واعتماد الحلّ الوسط،  وهي ثقافة غائبة في الوطن العربي، لصالح عقلياتٌ إقصائية(د. عبد الملك محمد عبد الله عيسى ، كتاب المؤتمر، مرجع سابق ص 198).
 - الولاء للطائفة سابق على الولاء للدولة (د. فارس إشتي  ، كتاب المؤتمر، مرجع سابق ص 186) يهيمن على جميع البلدان العربية فكرة أن الدولة عدوّ المواطن، فالدولة عدوّتي، أبحث عن كيفية الاستفادة منها، وهذا ما يضعف الدولة لصالح أحزاب طائفية ومجموعات تأخذ مكانها، أو تأخذ دور الوسيط بين الشعب والدولة، للمحافظة على الفرد في الدولة(السفير عبد الله بو حبيب ، كتاب المؤتمر، مرجع سابق ص 191).  فكانت  قوة الطوائف مهيمنة  على قوة الدولة، والحق في ذلك  ليس على الطوائف بقدر ما هو على التسويات التي كانت تحصل والتي من شأنها تغييب دور الدولة لصالح الجماعات. وبالتالي، فقد أفقدت الفرد انتماءه للوطن وأصبح المواطن ملزماً بولائه للطائفة لأنّ الطائفة تزوّده بما يحتاجه نتيجة غياب هذه السلطة المركزية التي يفترض عليها تأمين حقوق الإنسان والعدالة والمساواة والتربية والعلم وكلّ ما يحتاج إليه المواطن ليكون مواطناً (د. فارس أشتي ، كتاب المؤتمر، مرجع سابق ص 208).
- القانون: إن مدخل بناء الدولة هو من خلال وجود قانون يحتكم إليه جميع الناس بالتساوي(د. فارس إشتي  ، كتاب المؤتمر، مرجع سابق ص 186.)، فتطبيق القانون هو معيارٌ أساسيٌ للولاء للدولة وليس للولاء للطائفة، واستبعاد القانون يدفع نحو الامتناع عن المساءلة والمحاسبة والمراقبة. فكانت التسويات تحصل على أساس عفى الله عما مضى، من دون محاسبة ولا العودة للبحث في أسباب هذه الخلافات أو في كيفية الإنتقال منها إلى مرحلة أفضل، وكأنّ التسوية هي هدنة مؤقتة لحربٍ قد تأتي مع تغييرات خارجية وإقليمية(د. فارس أشتي ، كتاب المؤتمر، مرجع سابق ص 208).
- الحرية:إن واقع التنوع الثقافي والتعدد الطائفي قد نجح في تدعيم الحريّات، فالحريّة التي تجذّرت في الفكر اللبناني بل في فكر المواطن اللبناني، سمحت له أن يكون أكثر معرفةً وأكثر علماً وقدرةً على ابتداع ما هو غير ممكنٍ في مناطق أخرى (أ.فوزي بو ذياب  ، كتاب المؤتمر، مرجع سابق ص 187). فلقد استطاع النظام السياسي اللبناني، منذ ما يزيد على السبعين عاماً، أن يؤسّس لدولةٍ قائمة على الحريّات وحقوق الإنسان والمؤسّسات الدستوريّة والعدالة والديمقراطيّة التوافقيّة والتبادل السلمي للسلطة، وهذا ما يجسّد، في حال اعتماده، الحاضن الأوّل لفكرة التغيير الديمقراطي في العالم العربي (دولة الرئيس  نجيب ميقاتي- كتاب المؤتمر ، ص 35).
- الحوار: يرتكز النموذج اللبناني على الإعتراف بالتنوع وبوجود الآخر بالإضافة إلى التمثيل والحوار بين الأفرقاء(د. ليفانت باستروك، كتاب المؤتمر، مرجع سابق ص 201)، وأسهم هذا الحوار في عدم عزل الأقليات حتّى ولو لم تكن ممثّلة في الحكومة، مثل العلويين والسريان(د. عبد الملك محمد عبد الله عيسى ، كتاب المؤتمر، مرجع سابق ص 198). إن إعتماد الحوار البنّاء والمتكافئ بين جميع الأفرقاء هو السبيل الأفضل والأضمن من أيّ حلولٍ مفروضةٍ لا تراعي المصلحة الوطنيّة،  والتجربة اللبنانيّة في الحوار والإتّفاق تشكّل نموذجاً يُحتذى به، ذلك أنّ العنف مهما إشتدّ وتنوّع، لن يقدّم حلولاً مستدامة، بل يؤسّس لمزيدٍ من التباعد والتقاتل وتدمير الذات، ويفسح المجال أمام تنامي ظواهر لا تأتلف مع توق الشعوب إلى الحريّة وحماية التعدديّة والتنوّع(رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي- كتاب المؤتمر، مرجع سابق ، ص 35). وإلى جانب الحوار السياسي، فإن حوار الأديان، يعطي الدور الإيجابي للدين في العلاقة الإجتماعية بين الناس، فالحوار الذي يحصل بين العائلات الروحية اللبنانية هو الذي يشكّل نموذجاً يحتذى به ومن المهمّ اعتماده ونقلهذه التجربة الحوارية إلى بلدانٍ أخرى(أ. فوزي بو ذياب ، كتاب المؤتمر، مرجع سابق ص 195).

بناءً على ما تقدّم من خلاصة المناقشات التي دارت في المؤتمر، اطلقت جملة توصيات تتبناها الجامعة اللبنانية، وهي التوصيات الآتية:
 إنَّ لبنان يحتضن تنوعاً مجتمعياً مثل غالبية الدول العربية، وهو يعكس تجربةً من التعايش بين المجموعات المختلفة التي كان خيارها أن تعيش معاً من ضمن الوحدة، وهذه التجربة التي انعكست من خلال مشاركة المجموعات في السلطة تستحق الإستفادة منها من قبل الدول العربية.
 إنَّ تجربة التنوع والتعدد واحترام الإختلاف والحق في الإختلاف، ينبغي أن ترتقي إلى مستوى المشاركة السياسية المتوازنة في نظام تعددي وخصوصاً لجهة تأمين صحة التمثيل السياسي وديمقراطية تداول السلطة في نظام برلماني، وهذه التجربة تتطلب إقامة دولة فعالة وكفوءة.
 إن المسألة لا تتعلق بتطبيق التجربة اللبنانية في الدول العربية وإنما بالإعتراف بأن التنوع هو غنى وبأن الإعتراف به هو الطريق إلى الوحدة إذا ما أحسنت إدارته من خلال المشاركة في النظام السياسي، وعكس ذلك هو ديكتاتورية الأكثرية أو الأقلية.
 أمّنت التجربة اللبنانية حريّات واسعة كانت مفقودة في الأنظمة العربية على مدى عقود وهذه الحريّة لم يستفد منها اللبنانيون ولا العرب أيضاً.
  السعي لتأصيل خبرات مجتمعاتنا التاريخية على مدى قرون في مختلف أشكال إدارة التعددية الدينية والثقافية والعمل على تحديث هذه الخبرات استناداً إلى القواعد الحقوقية الضامنة للحريات والمساواة وذلك حفاظاً على التعددية التاريخية للنسيج الإجتماعي في المنطقة والذي هو مناقض أساساً لأي ترادف بين مساحة جغرافية وهوية دينية محددة.
 إنَّ النظام التعددي يقوم على توازن بين ثلاثة عناصر: تمثيل المجموعات وحقوقها ووجودها ودورها واحترام خصوصياتها، وحقوق الأفراد، وتوسيع المساحة المشتركة العابرة للإنتماءات الاولية من خلال تنمية المنظمات والمؤسسات العابرة للطوائف والمجموعات، والتي تمثل مصالح جامعة لكل المواطنين، كالنقابات ومنظمات المجتمع المدني...
 العمل على تعزيز مفهوم الدولة الديمقراطية، من خلال العمل على التحول الثقافي في مفهوم الدولة الديمقراطية التي تستمد قوتها ليس من ذاتها، بل من شرعيتها بالمعنى الإجتماعي، أي قبول الناس بها وليس إذعانهم وذلك انسجاماً مع التحولات في إدراك الشعوب.
 اعتماد اللامركزية الموسعة في لبنان والدول العربية لما في ذلك من فائدة في التخفيف من هواجس الجماعات وتحقيق التنمية.
 تدعيم بنيات المجتمع والقوى الإجتماعية الأكثر ارتباطاً بقضايا الناس الحياتية واليومية من خلال تحرير تأسيس الجمعيات حسب نظام العلم والخبر، بخاصة في الحالات حيث المجتمعات غير منتظمة بسبب العجز الديمقراطي.
 إن الفشل في إدارة شؤون الدولة التعددية يفتح الباب أمام الإستقواء بالخارج على أنواعه، وهذا يجب أن يتم الحد منه بأن يكون الولاء الأساس للوطن، وذلك من خلال دعم بناء الدولة العادلة وتطبيق القانون الذي يشكل ضمانة للجميع.
 هناك مسؤولية على النخبة السياسية في إنجاح تجربة النظام التعددي أو فشلها، من هنا يجب البحث في سبل تجديد إنتاج هذه النخب من خلال قوانين انتخابية توصل إلى هذا الهدف.
 إن المنطقة العربية تشهد انتفاضات وأحداثاً كبيرة، يخشى أن تؤدي إلى الإقتتال الداخلي وانتشار التشدد وإقصاء الآخر، من هنا أهمية إحداث صدمة ثقافية حقيقية والتشديد على الحوار والمصالحة الحقيقية لبناء المجتمع والدولة، وإقرار دساتير حديثة وإعادة تحديد دور الجيش والقوى الأمنية تحت سقف القانون وحماية المواطن الفرد والمجتمع.
إن كلية الحقوق والعلوم السياسية والإدارية في الجامعة اللبنانية، إذ تستشعر المخاطر التي يمرّ بها لبنان والمنطقة،  فإنها تأمل في تفعيل لغة الحوار وروحية التعايش في لبنان، وتتمنى وضع هذه التوصيات موضع التطبيق في الدول التي تتشابه تركيبتها في واقعها المجتمعي مع الواقع اللبناني.
 

898



132
421
200
417
394
Latest News 1 - 5 of 14
Show all news
Contact Faculties
LU Magazine
External Projects
Partners
Useful Links
Technical specification for equipments
Webmail
Webmasters
Internet and IT Support
Admissions
Join Us


All rights reserved © Copyright 2024 | Lebanese University